للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لرضوان الله فقد اهتدى وأسلم وآمن، لكن الإسلام له شرائع وله سبل، فلهذا قال: {سُبُلَ السَّلَامِ}، وإضافة السبل إلى السلام من باب إضافة الشيء إلى مسبَّبِه؛ أي: السبل التي يحصل بها السلام، فالسلام من كل شيء، والسلام من النار، والسلام من الزيغ، والسلام من الشبهات، يعني تشمل كل معنى تحتمله كلمة السلام.

قوله: {وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ} {يُخْرِجُهُمْ}: أي: الله عزّ وجل، والمراد بقوله: يخرجهم أي: من اتبع رضوانه، وعاد الضمير في قوله: {يُخْرِجُهُمْ} إلى {مَنِ} بلفظ الجمع مراعاة لمعناها؛ لأن {مَنِ} لفظها مفرد ومعناها قد يراد به الجمع، فصح أن يعود الضمير إليها مجموعًا، وهذه قاعدة في "من"، سواء كانت اسمًا موصولًا أو اسم شرط، فيجوز أن يعود الضمير إليها بلفظ الجمع باعتبار المعنى وبلفظ الإفراد باعتبار اللفظ، كما في قوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا} [الطلاق: ١١]، فتجد أن الله تعالى أعاد الضمير إليها مرة بلفظ الجمع ومرة بلفظ الإفراد، ثم أعاد مرة ثانية بلفظ الإفراد.

فقوله: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا} الضمير جاء بلفظ الإفراد، وقوله: {يُدْخِلْهُ} إفراد أيضًا، {خَالِدِينَ} أعاد الضمير بصيغة الجمع، وقوله: {قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ} جاء بصيغة الإفراد.

قوله: {وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ} الظلمات، ظلمات الجهل والشرك والمعاصي والفسوق وغير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>