للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}، "المسيح ": بمعنى الماسح، والمسيح الدجال بمعنى الممسوح، وليُنتَبه إلى الفرق: المسيح هنا بمعنى: الماسح، قال العلماء: لأنه لا يمسح ذا عاهة إلا برأ بإذن الله، يبرئ الأكمه والأبرص بإذن الله فسمي مسيحًا، المسيح الدجال: مسيح: بمعنى ممسوح؛ لأن عينه ممسوحة حيث إنه أعور، وأما من استحب من العلماء رحمهم الله وعفا عنهم، أن يقال للمسيح الدجال: المسيخ، يعنى ممسوخًا، وفي عيسى ابن مريم المسيح فهذا غلط؛ لأن الذي علَّم أمته أن يقولوا: "أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال" (١) أعلم منهم بذلك ومع ذلك سماه المسيح.

وقوله: {ابْنُ مَرْيَمَ} أضافه إلى أمه؛ لأنه ليس له أب، وسيأتينا في الفوائد إن شاء الله أن من ليس له أبٌ يضاف إلى أمه، ومريم هي بنت عمران وأخت هارون.

وهل هي أخت لموسى وهارون عليهما السلام؟

الجواب: لا، بل سميت بذلك؛ لأنهم كانوا يسمون بأسماء أنبيائهم، وإلا فبينها وبينهما زمن بعيد.

قوله: "قل" يعني يا محمد، لهؤلاء: {فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}، الله أكبر! حجة دامغة، من يملك من الله شيئًا إن أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعًا.


(١) رواه البخاري، كتاب الجنائز، باب التعوذ من عذاب القبر، حديث رقم (١٣١١)، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يستعاذ منه في الصلاة، حديث رقم (٥٨٨) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>