للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذًا: فالمسيح ابن مريم، مربوب مقدور عليه، يقدر الله على أن يهلكه وأمه ومن في الأرض جميعًا، فكيف يكون هو الله عزّ وجل؟ هذا لا يمكن، لو أراد الله تعالى أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ومن في الأرض جميعًا، لا أحد يملك من الله شيئًا، وهذه حجة دامغة، والدليل على هذا: أن عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، حاول اليهود أن يقتلوه، وفعلًا دخلوا وقتلوا من ألقى الله شبهه عليه، وقالوا: {إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} [النساء: ١٥٧].

قوله: {فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} "يملك" بمعنى: يمنع، من يمنع شيئًا أراده الله إن أراد بالإرادة الكونية القدرية أن يهلك المسيح ابن مريم، أي: يتلفه بعد أن كان موجودًا، المسيح ابن مريم الذي قلتم إنه هو الله، وأمه أيضًا التي أتت به فيهلك الفرع والأصل، الفرع عيسى والأصل أمه، فالله تعالى لو أراد أن يهلك المسيح الذي زعمتم أنه الله وأصله التي هي أمه، ومن في الأرض جميعًا، هل أحذ يملك أن يمنع الله جلَّ وعلا؟ لا واللهِ، لا أحد يملك أن يمنع الله، قال تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [فاطر: ٤٥]، والقادر على أن يبعثهم بكلمة واحدة كلهم يوم القيامة قادر على أن يهلكهم بكلمة واحدة ولا أحد يرده ولا أحد يملك منه شيئًا.

قوله: {وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} جميعًا: هذه حال من المسيح وأمه {وَمَنْ} في قوله: {وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} يعني يهلكهم كلهم.

ثم قال: {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}، كل ما في السموات والأرض، كل ما نشاهده فهو مملوك لله، وإذا كان

<<  <  ج: ص:  >  >>