للصوفية الذين يقولون: اعبد الله لله، فإن عبدته لثوابه فعبادتك ناقصة -قاتلكم الله- أليس الله تعالى امتدح محمدًا - صلى الله عليه وسلم - أصحابه في قوله:{تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا}[الفتح: ٢٩] ولا شك أن محمدًا صلوات الله وسلامه عليه وأصحابه هم أعلى الناس مقامًا، ولكن هؤلاء لقصور فهمهم ظنوا أنك لا بد أن تعبد اللهَ لله فقط، نسأل الله العافية، وهذا خلاف ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه.
الفائدة الحادية عشرة: الإشارة إلى مِنَّة الله عز وجل على هؤلاء الذين قصدوا البيت الحرام، وجه ذلك لأن إضافة الربوبية إليهم دليل على عنايته تبارك وتعالى بهم، واعلم أن الربوبية نوعان: عامة وخاصة، وإليهما الإشارة في قوله تعالى: {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (١٢١) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (١٢٢)} [الأعراف: ١٢١، ١٢٢] فقوله: "رب العالمين"، ربوبية عامة، وقوله: {رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (١٢٢)} ربوبية خاصة، إذًا كون الله تعالى أضاف ربوبيته إليهم إشارة إلى عنايته بهم عزّ وجل، ومن ذلك أن وفقهم للحضور إلى المسجد الحرام.
الفائدة الثانية عشرة: إثبات الرضا لله عزّ وجل، وأنه من أكبر غايات المؤمنين، بل هو أكبر غاياتهم، فالرضا من صفات الله عزّ وجل التي يثبتها أهل السنة والجماعة على وجه الحقيقة، يقولون: إن الله يرضى ويكره، ويغضب، ورضاه من صفات كماله عزّ وجل، وهو سبب للثواب، إذا رضي الله عن العبد أثابه، وحمل أهل التعطيل الرضوان على أنه الثواب، وقالوا: إنه مجاز عن الثواب عُبر به لأنه سببه، فهو من التعبير