للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالسبب عن المسبب، فيقال: ما المانع أن نثبت الرضا لله عز وجل، وقد أثبت الله لنفسه الرضا في القرآن، وأثبته النبي - صلى الله عليه وسلم - في السنة "إن الله يرضى لكم ثلاثًا" (١)، والنصوص في هذا كثيرة، وأجمع عليه سلف الأمة، وطريق إجماعهم أنه لم يرد عنهم ما يخالف ذلك وهم يقرؤون الكتاب والسنة ولم يرد عن واحد منهم أنه فسر الرضا بالثواب، وهذا طريق ينبغي أن يتفطن له الإنسان؛ لأنه قد يقول قائل: ما الدليل على أن السلف أجمعوا على أن الرضا على معناه الحقيقي؟ نقول: الدليل هو أنهم يتلون كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - بهذا اللفظ ولم يرد عنهم حرف واحد يدل على أنه غير مراد.

فإذا كان الله يرضى، والرضا من صقته، فهل هو من الصفات الذاتية أو الفعلية؟

الجواب: هو من الصفات الفعلية؛ لأن كل صفة لله تكون لسبب فهي من الصفات الفعلية، إذ إن كونها تقع لسبب يدل على أنها كانت بمشيئة الله، فالرضا صفة فعلية، والغضب صفة فعلية، والنزول صفة فعلية .. وهكذا، فالقاعدة: أن كل صفة من صفات الله تكون لسبب فهي فعلية؛ لأنها قبل وجود السبب غير موجودة.

هذا هو القول الذي ندين الله به، أن الله عزّ وجل يرضى ويغضب، ويكره ويحب، حقيقة لا مجازًا، والله أعلم.


(١) رواه مسلم، كتاب الأقضية، باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة، والنهي عن منع وهات ... ، حديث رقم (١٧١٥) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>