للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في بعض التواريخ: أن خالد بن سنان وفلان وفلان أنهم أنبياء، وأنهم بعثوا بعد عيسى، فهذا كله ليس بصحيح، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أخبر أنه ليس بينه وبين عيسى نبي (١)، ويدل على ذلك أن عيسى عليه السلام قال: {وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: ٦]، فلم يأتِ أحد بعد عيسى إلا محمد - صلى الله عليه وسلم -.

وقوله: {عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ} إنما نص على هذه الفترة ليتبين أن الناس كانوا في أشد الحاجة إلى بعثة الرسول وهذا هو الواقع، "فإن الله تعالى نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم"، أي: أبغضهم وكرههم، لأنهم ليسوا على دين "إلا بقايا من أهل الكتاب" (٢)، بقايا قليلة كما قال تعالى: {فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ} [هود: ١١٦]، بقي القليل، وهذا القليل أيضًا يحتاج إلى رسول فلهذا نص على الفترة: وهي المدة الطويلة التي بلغت نحو ستمائة ممنة ليتبين شدة حاجة الناس إلى بعثة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

قوله: {أَنْ تَقُولُوا} أي: لئلا تقولوا فـ "أن" وما دخلت عليه هنا في موقع التعليل، يعني أرسلناه إليكم حتى لا تحتجوا فتقولوا: {مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ}، وذلك لطول المدة فلم


(١) رواه مسلم، كتاب الفضائل، باب: فضائل عيسى عليه السلام (٢٣٦٥) عن أبي هريرة.
(٢) رواه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة، حديث رقم (٢٨٦٥) عن عياض بن حمار المجاشعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>