للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيء الثاني: أيضًا أنه قال: {يَاقَوْمِ} استعطافًا لهم؛ لأنه فرق بين أن يكون المخاطب من قومك أو من غير قومك.

قوله: {ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} قال: {ادْخُلُوا الْأَرْضَ} لم يقل: قاتلوا حتى تدخلوا، والأرض المقدسة قال العلماء: معناها الطاهرة من الشرك؛ لأن هذه الأرض كانت أرض الأنبياء. ثم ما هي هذه الأرض وما المراد بها؟ قال العلماء: هي أرض الشام التي تشمل ما يسمى في العصر الحاضر سوريا وفلسطين والأردن وغيرها وجميع المنطقة، وهذا في زمن موسى، وأما بعد بعثة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - لا شك أن المسجد الحرام أشد قداسة من المسجد الأقصى، وكذا المسجد النبوي.

وقوله: {الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} أيضًا فيها بشارة بأنهم سوف يغلبون، ففي هاتين الجملتين بشارتان: الأولى: ادخلوا الأرض، والثانية: التي كتب الله لكم، والكتابة هنا هي الكتابة القدرية؛ لأن الكتابة تتنوع إلى نوعين:

كتابة شرعية: مثل قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: ١٨٣].

وكتابة قدرية: مثل قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (١٠٥)} [الأنبياء: ١٠٥].

وقوله: {كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} قلنا: إن الكتابة هنا كتابة قدرية لا شرعية، لو كانت شرعية لتعدت بـ "على"، والمعنى كتب عليكم ولا يستقيم المعنى.

قوله: {وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ} أي: لا ترجعوا بعد أن كنتم مقبلين على القتال على أدباركم؛ لأن النكوص على الدبر

<<  <  ج: ص:  >  >>