للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا المكان. وتأمل أيضًا قوله: {فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ} يعني: يؤكدون دخولهم إذا خرج هؤلاء، وإذا خرج هؤلاء، هل يحتاج إلى أن يؤكد الدخول؟ لا يحتاج، لكن سبحان الله إذا تأمل الإنسان حال هذه الأمة الغضبية وجد أنهم في غاية السفاهة في العقول، كما أنهم في غاية الضلال في الدين، ومن رأى مزيد بيان في هذا الأمر فليرجع إلى كتاب ابن القيم رحمه الله "إغاثة اللهفان" فإنه تكلم عن خصائص الملل بما لا مزيد عليه.

قوله: {قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا}، أولًا، ننظر في تركيب هذه الآية الكريمة، قوله: {مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ} صفة لـ {رَجُلَانِ}؛ لأن النكرة ما يأتي بعدها من الجملة وشبهها يكون صفة لها، {يَخَافُونَ} صلة الموصول. {أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا} "أنعم" هنا فعل وليس مفعول؛ لأن مفعول يخافون محذوف نقدره إذا شاء الله بعدُ، {أَنْعَمَ} جملة فعلية محلها من الإعراب صفة لرجلان، ويجوز أن تكون حالًا منها لأنها نكرة خصصت، والنكرة إذا خصصت جاز وقوع الحال منها.

لكن قد يقول قائل: أليس الأنسب في التركيب أن يقال: قال رجلان أنعم الله عليهما من الذين يخافون؟

الجواب: لا؛ لأن قوله: {أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا} إن قدر أنها حال، فلا إشكال لأن الوصف التابع لموصوفه إعرابًا أولى بالموالاة؛ لأن الحال متابعة لموصوفها معنىً مفارقة له إعرابًا، بخلاف النعت، فنقول: هذه إن جعلناها حالًا فإنها تكون متأخرة عن الوصف المباشر هذا الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>