إذًا:{جَبَّارِينَ} تدور على المعنيين السابقين: الأول: عتاة الأخلاق، والثاني: أقوياء الأجسام لا نستطيع أن نقاتلهم.
قوله:{وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا} - سبحان الله - هذا قول صبيان، {لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا} من يقاتلون إذا لم يكن فيها أحد؟ لا شيء، وهذا مما يدل على سفاهة بني إسرائيل، وأيضًا أكدوا هذا المعنى بقولهم:{فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ}، وتأمل قولهم:{فَإِنْ يَخْرُجُوا} لم يقولوا: فإذا خرجوا، كأنهم يستبعدون خروجهم؛ لأن "إن" الشرطية: تتميز عن "إذا" بأن "إن" يكون فعل الشرط فيها حاصلًا وغير حاصل، بل قد يكون من الأشياء المستحيلة، لكن "إذا" تدل على وقوع الشرط، لكن المؤقت حصول الشرط، إذا قلت: إن قام زيد قمت، تجد الفرق بينها وبين قولك: إذا قام زيد قمت، إذا قام معناه أنه سيقوم، لكن لا أقوم إلا إذا قام فهو شرط للتوقيت أي: توقيت القيام، لكن إن قام زيد قمت شرط لحصول القيام، وقد يحصل وقد لا يحصل وقد يكون من المستحيل أن يحصل، كما في قول الله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (٨١)} [الزخرف: ٨١] , هذا في حق الله، وفي حق الرسول:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}[الزمر: ٦٥] , وكلا الأمرين ممتنعان غاية الامتناع، الأول: وهو أن يكون للرحمن ولد، والثاني: وهو أن يشرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، الداعي إلى الإخلاص والتوحيد.
إذًا: هم يقولون: {فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ} يعني: كأنهم مستبعدين غاية الاستبعاد أن يخرجوا منها, ولذلك ابتلوا بالتيه، كما سيأتي إن شاء الله، وهو: الضياع وعدم الاهتداء إلى