للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذان الرجلان قابلا الأمة كلها، مما يدل على الشجاعة والعزيمة الصادقة، وهذه لا شك أنها نعمة إذا وفق الله العبد قوة وشجاعة وعدم مبالاة بالكثرة؛ لأن الكثرة ليست بشيء أمام الحق.

وقوله: {أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا} أيضًا بحصافة الرأي؛ لأن كل من قرأ البشائر التي ذكرها موسى عليه الصلاة والسلام، لا شك أنه سوف يُقْدِم، الأولى {ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ} والثانية: {الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ}، إذًا: أنعم الله عليهم من هذه الوجوه الثلاثة، وقد يكون أكثر من هذا.

لو قال قائل: قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} [يونس: ٩٢] بعضهم يحمل هذه الآية على وجود بعض أجسام الموتى لآل فرعون، بل بعضهم يقول: إن بعضها فرعون نفسه، فهل هذا صحيح؟

الجواب: نحن نعلم أن المدة طويلة، وأن الناس يخلقون من لا شيء شيئًا، ألم تعلم أنه قيل: إن رأس الحسين رضي الله عنه في النجف وفي سوريا وفي مصر! ! يعني صارت ثلاثة رؤوس، فلا نصدق بهذه الأشياء، والظاهر لنا أن فرعون لما طفا على ظهر الماء ورآه بنو إسرائيل انتهى أمره وأكلته الحيتان أوْ لا ندري عنه، أما أن نقول: أن الذي يوجد الآن في الأهرام هو فرعون فإذا لا نصدقه ولا نكذبه، وأما قوله تعالى: {لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً}، أي: لبني إسرائيل، فنحن نصدق كلام الله سواء رأينا جسمه أم لم نره، آيتنا نحن كلام الله عزّ وجل، لكن هلاكه كان آية لبني إسرائيل الذي كان يرعبهم.

لو قال قائل: وقع البعض في تحجيم قضية الصراع مع اليهود على أنه صراع على الأرض وليس صراعًا عقديًّا؟

<<  <  ج: ص:  >  >>