الجواب: لما تخلف الصلاح، وأقولها بمرارة: لما تخلف الصلاح في هذه الأمة صار هذا التسليط تسليط اليهود على هذا الجزء من الأرض، فالواجب علينا أن نقاتل اليهود وغير اليهود ممن كفروا بالله، لا على أساس الأرض، ولكن على أساس العقيدة، ولهذا صاروا هم أقوى، فيجب تعديل النية وإصلاح العمل قبل كل شيء، إذا عُدِّلت النية وأُصِلحَ العمل حصل خير كثير.
وقوله:{ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ} أي: سيروا إليهم ولا تشعروهم بأنكم سائرون، وائتوهم بغتة، ادخلوا عليهم الباب بدون أن يكون هناك سابق علم؛ لأنه ما من قوم قوتلوا في ديارهم إلا ذلوا. ولهذا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه حين أراد أن يجاهد أهل مكة في الفتح، سأل الله تعالى أن يعمي الأخبار عنهم حتى يبغتهم في دارهم (١). ولهذا قالا:{ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ} أي: لا تنذروهم ولا تخبروهم أنكم قادمون عليهم، و "أل" في قوله: "الباب" للعهد الذهني أي: باب المدينة.
قوله:{فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ} يعني: إذا دخلتم الباب فإنكم غالبون ولن يغلبوكم، أي: ستكون الغلبة لكم، وهذا إرشاد وتوجيه.
قوله:{وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا} لما أمر هذان الرجلان هؤلاء القوم أن يعملوا الأسباب النافعة أرشدوهم إلى أن لا يعتمدوا على أنفسهم، بل يتوكلون على الله، فقالوا:{وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا}
(١) رواه البيهقي في السنن الكبرى (٩/ ٢٣٣) (١٨٦٣٨)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٤٣/ ٥٢١). وانظر: البداية والنهاية (٤/ ٢٧٨ - ٢٧٩).