الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (١٠٥)} [الأنبياء: ١٠٥]. إذًا: فقول بني إسرائيل: إن هذه أرض الميعاد، نقول: إن شاء الله هي أرض ميعاد هلاككم، أما أنها أرض لكم مكتوبة شرعًا فلا، وأما قدرًا فيمكن، لكن شرعًا ليس لهم فيها حق إطلاقًا، قال تعالى:{إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}[الأعراف: ١٢٨] , فكما أن الله أورث بني إسرائيل بلاد فرعون وأرضه؛ لأنهم كانوا مسلمين، فكذلك المسلمون المؤمنون بمحمد - صلى الله عليه وسلم - يرثون بني إسرائيل.
الفائدة السادسة: أن الأمور لا تتم إلا بوجود المصالح وانتفاء المفاسد، لقوله:{وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ} ولذلك نجد في الشرع أوامر ونواهي؛ لأن العبادة لا تتم إلا بأن يرغم الإنسان نفسه على فعل الطاعات وعلى الكف عن المعاصي والمحرمات، فالشرع تجد فيه فعل وفيه ترك، حتى يتم الامتحان والاختبار، ونضرب مثلًا بالصوم فيه ترك للمحبوب، وفي الزكاة بذل للمحبوب، وهذا الذي يكون به تمام الامتحان.
الفائدة السابعة: أن الكفر ردة عن الاستقامة، لقوله تعالى:{وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ} فالمرتد متأخر وليس متقدمًا، إذا قلنا هذا صار الإيمان تقدمًا، ولذلك نقول لأولئك القوم الذين يريدون من الأمة الإِسلامية أن ترجع إلى الوراء وهو عندهم تقدم، نقول: أخطأتم، وذلك لأنهم يرون أن رجوع الناس إلى زمن السلف الصالح تأخر، ونحن نقول لهم: مخالفة طريق السلف الصالح هو التأخر؛ لأنه يسمى في القرآن ردة أو ارتداد على الدبر، لكن موافقة السلف الصالح هي التقدم حقيقة، ولكنه يحتاج إلى عزيمة وقوة وتطبيق.