للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة الثامنة: أن الارتداد عن العقب سبب للخسارة، أي: خسارة الدنيا والآخرة، قال تعالى: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} [الزمر: ١٥] , وإنما قلت: إن الردة على الأدبار سبب للخسران؛ لأن "الفاء" في قوله: {فَتَنْقَلِبُوا} فاء السببية ولهذا نصب الفعل بعدها لوقوعه بعد النهي في قوله: {وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}.

الفائدة التّاسعة: أنه ينبغي للإنسان الداعية إلى الله أن يذكر عواقب السيئات من أجل تنفير النفوس، صحيح أن الدعوة إلى الله تعالى تحصل بأن يقول: هذا حرام، وهذا حلال، وهذا واجب، لكن إذا ذكر الترغيب والترهيب كان في ذلك حفز للنفوس على الامتثال، وجه ذلك أن موسى قال لقومه: {فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ}.

الفائدة العاشرة والحادية عشرة: أن ذكر العقوبة الدنيوية أو أن ذكر العواقب السيئة في الدنيا من أجل ردع الناس عن المعاصي والمخالفة لا ينافي الإخلاص، ولهذا كان الرسل يحذرون أقوامهم، كما أن ذكر العواقب الحسنة من أجل الحث على الطاعة لا ينافي الإخلاص، وهذا من الثواب العاجل ومن عاجل بشرى المؤمن لأن الله تعالى يقول: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧)} [الليل: ٥ - ٧] , والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أحب أن ينسأ له في أثره ويبسط له في رزقه فليصل رحمه" (١)، أليس هذا أمرًا دنيويًّا؟ ومع ذلك ذكره النبي عليه الصلاة والسلام وسيلة إلى فعل الطاعة، وهي صلة الرحم.


(١) رواه البخاري، كتاب الأدب، باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم، حديث رقم (٥٦٤٠)، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب صلة الرحم وتحريم قطيعتها، حديث رقم (٢٥٥٧) عن أنس بن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>