للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة السادسة والعشرون: وجوب إفراد الله عزّ وجل بالتوكل، لقوله: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا} وهذا فيه تفصيل، وذلك أن التوكل المطلق الذي فيه تفويض المتوكِل أمره إلى المتوكَل عليه، وهذا لا يجوز إلا لله، والمتوكل على الله بهذا المعنى يشعر بأنه بحاجة وافتقار إلى الله عزّ وجل.

وأما التوكل وهو الاعتماد الجزئي الذي لا يشعر المتوكِل أنه مفوض أمره إلى المتوكَل عليه بل هو الذي يمكن أن يقضي حاجته، فإذا لا بأس به، ولذلك جاءت السنة: بجواز توكيل الغير والاعتماد عليه فيما وكل فيه، فمثلًا: تقول: يا فلان اشترِ لي كذا وكذا، أنت الآن اعتمدت عليه، ولكن هل هذا اعتماد افتقار أو اعتماد معونة؟ الثاني: اعتماد معونة، وأنت الآن تشعر بأن هذا الرجل لستَ مفتقرًا إليه لو شئتَ لعزلته، وهو أيضًا لا يمكن أن يأتي بمرادك، قد يعتريه مرض وقد يُمنع منه إلى آخره، ولكن توكل العبد على الله عزّ وجل، -وأسأل الله أن يجعلنا من المتوكلين عليه- يشعر الإنسان بأنه بحاجة إلى الله، وأنه قد فوض أمره إلى الله عزّ وجل، ومن ثَمَّ لا يمكن أن نقول: إن التوكل على غير الله إنه شرك؛ لأنه كما تقدم الفرق العظيم بين هذا، وهذا ظاهر، لكن قد يتوكل الإنسان ويعتمد الإنسان على من ينفق عليه مثلًا، فالابن يعتمد على أبيه في الحصول على النفقة، كذلك الموظف يعتمد على وظيفته.

هذه مسألة دقيقة جدًّا، فإن أشعرت نفسك بأن هذا سبب محض وأن الذي جعله سببًا هو الله، وأن الله قادر على أن يمنع نفوذ هذا السبب، وجعلت الأمر كله إلى الله عزّ وجل، فإن ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>