للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا ينافي التوكل، لا أصله ولا كماله، وأما إذا اعتمدت عليه وعلقت قلبك به، فإن هذا بلا شك نوع من الشرك، إن نسيت الله بالكلية - والعياذ بالله - وجعلت هذا هو الذي يجلب لك الأمور بنفسه فهذا شرك أكبر وإلا كان أصغر، ومن ذلك ما يقع كثيرًا للمرضى، من اعتمادهم على الطبيب اعتمادًا كليًّا حتى إنه يشعر في نفسه أن الشفاء كان منه، وهذا خطر عظيم، أما إذا اعتمدت على الطبيب على أنه سبب والمسبب هو الله عزّ وجل، وأن الله تعالى إن قدر لك الشفاء فهو الذي شفاك، وإلا فالطبيب لن ينفعك وغاية ما هنالك أنني أذهب إلى الطبيب، كما أوقد النار لطهي طعامي مثلًا، فهذا لا بأس به، ولابد أن يكون في القلب شيء من التعلق بمن ينفعه، لكن يجب أن نجعل الأول والآخر هو الله عزّ وجل.

لو قال قائل: إذا أصيب الإنسان بالمرض وترك التداوي يحتج على ذلك بقصة عمران بن حصين التي في صحيح مسلم بأنه قال لأحد الصحابة: إني كان يُسَلَّم عليَّ فلما اكتويت ترك ذلك، فلما تركته سلم علي (١) وقصة أبي بكر عندما مرض وقيل له: ألا تتداوى؟ قال: قد رآني الطبيب، قال: أنا على ما أشاء قدير (٢)، فهل في هذا حجة على ترك التداوي؟

الجواب: عندنا السنة وعندنا كلام الصحابة أيهما تقدم؟


(١) رواه مسلم، كتاب الحج، باب جواز التمتع، حديث رقم (١٢٢٦) عن عمران.
(٢) رواه ابن سعد في الطبقات (٣/ ١٩٨)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٣٠/ ٤١٠)، وأبو نعيم في الحلية (١/ ٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>