للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشر، ونضرب لذلك مثلًا لو أنك رأيت رجلًا حالقًا لحيته وهجرته هل سوف ينتهي عن ذلك، إن كان سينتهي فلا بأس، وأما إذا كان لا ينتهي ويزداد كراهة لك ولما تدعوه إليه من الحق ويستمر فأي فائدة في هجره، ثم عندنا الحديث الصحيح: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة" (١). وهذا مُسَلَّم، وما ورد عن السلف من الهجر يحمل على أنه هجر للإصلاح أو لئلا يغتر بهم الخلق، وعلى هذا إذا كنت تتألف العصاة وأهل الضلال فلابد أن تصرح بأنهم على ضلال، لئلا يغتر الناس بهم، لكن لا تخصهم بأعيانهم حتى لا ينفروا، لكن إذا قلت: بعض الناس قال كذا أو يقال كذا فلن ينفروا.

الفائدة الرابعة والثلاثون: أن التخلي عن الجهاد في سبيل الله من الفسق، لقوله: {فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}.

الفائدة الخامسة والثلاثون: الأخذ بالأكثر؛ لأن من قوم موسى من كانوا على الحق، وهما الرجلان اللذان قالا: {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ} فهل هما فاسقان؟ الجواب: لا، لكن باعتبار الأكثر صح أن يوصفا بالفسق على وجه العموم، وقد يقال: إن الفاسقين هنا عام أريد به الخاص؛ أي: أن موسى عليه الصلاة والسلام لم يكن في باله إطلاقًا أن يدخل الرجلان، وعلى هذا فيكون الوصف هنا خاصًّا بالذين قالوا: {إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا


(١) رواه البخاري، كتاب الأدب، باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر، حديث رقم (٥٧١٨)، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر، حديث رقم (٢٥٥٨) عن أنس بن مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>