الفائدة السابعة عشرة: الإشارة إلى ما وقع من قريش في غزوة الحديبية، لقوله:{أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} والآية فيها قراءتان كما تقدم أَن {أَنْ صَدُّوكُمْ} وهذه القراءة لا إشكال فيها لأن {أَنْ} هنا للتعليل، يعني: لا يحملكم بغضهم من أجل صدكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا، لكن الذي فيه إشكال هو قوله:{وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا} فيقال: هذا شرط والشرط يكون للمستقبل.
فيقال في الجواب عن ذلك: إن معنى الآية إن تكرر صدهم إياكم، أو إن فرض أن يصدوكم فلا تعتدوا.
الفائدة الثامنة عشرة: إثبات حرمة المسجد الحرام لقوله: {أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، وقد استدل بعض العلماء بقوله تعالى:{أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في تضعيف الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف يشمل جميع حدود الحرم؛ أي: كل ما كان داخلًا في حدود الحرم، ولكن هذا الاستدلال فيه نظر:
أولًا: أننا لا نسلم أن المراد بالمسجد الحرام هنا ما كان داخل حدود الحرم؛ لأننا لو سألنا: ماذا أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن معه هل أرادوا أن يدخلوا إلى حدود الحرم فقط، أو أن يَصِلوا إلى مسجد الكعبة؟
الجواب: الثاني بلا شك، فيكون المعنى أنه ذكر أعلى ما يصدونهم عنه وهو الوصول إلى المسجد الذي فيه الكعبة.
ثانيًا: أن نقول: ما دام هناك دليل صريح واضح عن الرسول عليه الصلاة والسلام أن المراد بما فيه التضعيف هو