لما ورد النهي عن الشيء صار منهيًّا عنه، فإذا رفع النهي وجب أن يبقى المنهي عنه على ما كان عليه من قبل، لكن هل نقول: يسن لكل إنسان حل من إحرامه أن يأخذ آلة الصيد من أجل أن يصيد الصيد؟
الجواب: لا، لا أحد يقول بذلك، لكن يباح له ذلك، أما قوله تعالى في الجمعة:{فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ}[الجمعة: ١٠] فهذا الأمر يكون للاستحباب؛ لأن طلب الرزق أمر مستحب، وعلى القول الثاني وهو أن الأمر بعد النهي للإباحة يكون مباحًا.
والأقرب ما ذكرناه في نظم القواعد (١) وهو أنه لرفع النهي:
والأمر بعد النهي للحل وفي ... قول لرفع النهي خذ به تفي
فهذا هو الأقرب.
الفائدة الخامسة عشرة: أنه لا يجوز الاعتداء على الغير ولو كان الإنسان مبغضًا له، ولو كان قد صده عن الطاعة، فأما إذا عامله بمثل ما عامله به فهذا لا بأس به، كما قال تعالى:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ}[البقرة: ١٩٤].
الفائدة السادسة عشرة: التحذير من اتباع الهوى وحمل النفس على العدوان عند العداوة والبغضاء؛ لأن العادة والطبيعة أن الإنسان إذا أبغض شخصًا فإنه يعامله بالعدوان والشدة؛ لأن نفسه تحمله على هذا، فحذر الله عزّ وجل من ذلك.
(١) انظر "منظومة أصول الفقه وقواعده" لفضيلته رحمه الله.