للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: ٢٦] وقال لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣)} [الشعراء: ٣] وقال: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (٦)} [الكهف: ٦] والآيات في هذا متعددة، فالإنسان إذا بذل الجهد بقدر المستطاع، فلا ينبغي أن يحزن ويشتغل بعيوب غيره عن عيوب نفسه، ولا يأس على القوم الفاسقين، وكثير من الناس يكون عنده غيرة، فتجده يشتغل بمعاصي غيره وعيوب غيره وينسى نفسه وهذا خطأ، أهم شيء عليك نفسك، عدلها ثم اسعَ في إصلاح الآخرين.

لو قال قائل: ما حكم وصف موسى عليه السلام بالعصبية بسبب هذه المواقف، وهي غضبه وإلقاؤه الألواح، وتعنيفه لهارون قبل سؤاله وأخذه بلحيته، وقتله للفرعوني، وتسرعه بالسؤال في قصة الخضر، واختياره للمصير الأدنى إذ قال: {إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَهَا فَلَا تُصَاحِبْنِي} [الكهف: ٧٦]؟

الجواب: نقول للدَّين وصفوا موسى عليه الصلاة والسلام بالعصبية: إن كنت تخبر مجرد خبر فلا تعرض المسألة على هذه الصفة، بل قل: إن موسى عليه الصلاة والسلام عنده غيرة وعنده قوة، وما أشبه ذلك من الأوصاف التي تكون مدحًا لا قدحًا، وأما إذا أردت القدح فيه فالقدح فيه كفر مخرج عن الملة، وموسى عليه الصلاة والسلام مشهور بأنه قوي وشديد؛ ولهذا لما جاءه ملك الموت ليقبض روحه لطمه حتى فقأ عينه (١)، فهو


(١) رواه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب وفاة موسى وذكره بعد حديث رقم (٣٢٢٦)، ومسلم، كتاب الفضائل، باب من فضائل موس - صلى الله عليه وسلم -، حديث رقم (٢٣٧٢) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>