وقوله:{نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ} هذان ابنان لصلبه، وإلا فجميع البشر بنو آدم، أحدهما اسمه: هابيل، والثاني اسمه: قابيل.
وقوله:{بِالْحَقِّ} أي: بالصدق الثابت، واعلم أن الحق يوسف به الخبر ويوصف به الحكم، فإن كان الخبر فهو: الصدق، وإن كان الحكم فهو: العدل، كما قال الله تعالى:{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا}[الأنعام: ١١٥] فقوله: {بِالْحَقِّ} يعني: بالصدق الثابت الذي لا مرية فيه ولا اختلاف.
وقوله:{إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا}(إذ) متعلقة بـ (نبأ)، أي: نبأهما، حين قربا قربانًا، وهي في محل نصب حال من النبأ، يعني: هذه الحال: هما قرَّبا قربانًا, ولم يبينه الله عزّ وجل، هل هو ذهب أو فضة أو طعام أو بهائم، ولو كان في بيانه مصلحة لبينه الله عزّ وجل، وعلى هذا فلا حاجة إلى أن نتكلف ما هذا القربان؟ وهذه قاعدة ينبغي أن تبني عليها جميع ما تسير عليه كتب التفسير، أن ما أبهمه الله فهو مبهم، ولا حاجة إلى أن نتكلف ما هو هذا الشيء الذي أبهمه الله؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول:{يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ}[النساء: ٢٦] ويقول: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا}[النساء: ١٧٦]. ولو كان في بيان هذا المبهم فائدة لبينه الله عزّ وجل.
وقوله:{إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا} المراد به: ما يتقرب به إلى الله عزّ وجل، قوله:{فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ} والمتقبل هو الله، وأبهم للعلم به، كما في قوله تعالى:{وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}[النساء: ٢٨] فإن الخالق هو الله بلا شك وأبهم للعلم به، والذي تقبل منه هابيل، تقبل الله منه، ولكن كيف علمنا أن الله تقبل منه، إما أن يكون كما ذكر عمن سبق، أنهم إذا