غنموا الغنائم جمعوها فنزلت نار من السماء فأحرقتها، فإن كان فيها غلول فإن النار لا تنزل، وعلى هذا فيكون علامة القبول أن الله تعالى أنزل نارًا على هذا القربان فأحرقته، ويحتمل أنهما علما ذلك بأمارات أخرى، إما برؤيا أو بغير ذلك، المهم أنه لا بد أنهما قد علمًا أن هذا قُبِلَ وهذا لم يقبل.
قوله:{وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ}، لماذا؟ لأن الآخر ليس عنده تقوى لله عزّ وجل، كما سيأتي في تعليل القبول، فهو ظالم لنفسه، إما بهذا القربان الذي قربه، يعني: أنه غصبه أو سرقه أو تملكه بغير طريق شرعي، وإما بمعاصٍ كثيرة تمنع من قبول العمل الصالح.
قوله:{قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ} القائل: هو الذي لم يتقبل منه، قال ذلك حسدًا لأخيه، {لَأَقْتُلَنَّكَ}؛ لأن الله تقبل منك ولم يتقبل مني، فقال له:{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} يعني: أن الله لا يتقبل إلا من المتقين؛ ولهذا قال بعض السلف: لو أعلم أن الله تقبل مني عملًا صالحًا واحدًا لفخرت بذلك وفرحت به؛ لأن الله يقول:{إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}. وجملة {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} جملة حصرية، طريق الحصر فيها "إنما" يعني: لا يتقبل الله إلا من المتقين، والمتقي: هو الذي قام بطاعة الله فاعلًا للمأمور تاركًا للمحظور.
قوله:{قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} وإنما قال ذلك لا افتخارًا بتقواه ولا إعجابًا بنفسه، ولكن حثًّا لأخيه على أن يكون من المتقين، وبيانًا بأن الله عزّ وجل إنما يتقبل لحكمة ويمنع لحكمة.