للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي} "بسطتها" أي: مددتها مدًا تصل به إليّ لتقتلني و "اللام": للتعليل؛ أي: لأجل أن تقتلني، {مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ}، يعني: أن هذا رجل قال لأخيه: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي} فأنا لن أبسط إليك يدي لأقتلك، والمعنى: إنني لا أقتلك، وهو صريح في هذا, ولكن هل هذا يتضمن أنني لا أدافع عن نفسي؟ فيه احتمال أن المراد: ما أنا بمدافع عن نفسي بل سأستسلم، أو أن المعنى: ما أنا بقاصد قتلك، والذي وقع أن الرجل قتل صاحبه كما سيأتي في آخر القصة.

قوله: {إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}، لما قال: {مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ} قد يتوهم أخوه أنه عاجز عن ذلك، فبيَّن أنه ليس بعاجز، ولكنه يخاف الله، و "إنْي" فيها قراءتان "إنيَ" بفتح الياء وسكونها. و {رَبَّ الْعَالَمِينَ} أي: خالقهم ومالكهم ومدبر أمورهم، والعالمون: كل من سوى الله فهو عالم، وإنما سموا بذلك؛ لأنهم عَلَمٌ على خالقهم، ففي المخلوقات كلها آية تدل على وحدانية الله عزّ وجل وتمام ملكه وسلطانه، وغير ذلك مما تقتضيه الربوبية.

قوله: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ}، "إني" فيها قراءتان "إني" بفتح الياء وسكونها، والإرادة: هي ميل النفس إلى ما يجلب منفعة أو يدفع مضرة.

وقوله: {أَنْ تَبُوءَ} أي: أن ترجع بإثمي وإثمك، أما كونه يرجع بإثمه فواضح، لكن كيف يرجع بإثم أخيه، نقول: إن عدم قتال أخيه له سلامة من الإثم، فكان أخاه الذي لم يقاتل وسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>