للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جلد ولم ينته فإنه يقتل (١)، ومن ذلك اللصوص الصائلون، المهم أن الفساد العام هذا يقتل صاحبه لأنه أفسد في الأرض.

قوله: {فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} كأنما قتل الناس جميعًا وهو لم يقتل إلا واحدًا، و"كأن" هنا للتشبيه، فما وجه الشبه؟

قيل: إن هذا في المستحل لقتل النفس بغير نفس أو فساد في الأرض، والمستحل لقتل نفس محرمة كأنما قتل جميع الناس؛ لأن المراد: الجنس، كما قلنا في الذي يكذب رسولًا هو مكذب لجميع الرسل، فهذا الذي قتل فلانًا لاستحلاله قتله وهو معصوم يكون كالذي قتل الناس جميعًا؛ إذ إنه استحل قتل جنس النفس المعصومة، فيكون كقاتل الناس جميعًا.

وقيل إن المعنى: من قتل نفسًا ممن يكون في قتله فتنة، كقتل السلطان وما أشبه ذلك؛ لأنه إذا قتل السلطان صارت الفتنة، وصار الناس يقتل بعضهم بعضًا، فيكون بقتله هذه النفس كأنما قتل الناس جميعًا.

وقيل المعنى: كأنما قتل الناس جميعًا؛ لأنه إذا قتل نفسًا قتل بها، ولو قتل عشرة قتل بهم، ولو قتل الناس جميعًا قتل بهم، بمعنى: أنه لن يخرج عن القتل ولو قتل الناس جميعًا أو قتل بعضهم.

فيكون المعنى: أن عقوبة القاتل بالقصاص لا فرق فيها، بين أن يقتل واحدًا أو يقتل جميع الناس.


(١) أخرجه أحمد في المسند بلفظ إذا شرب فاجلدوه (٤/ ٩٦)، والترمذي (١٤٤٤)، كتاب الحدود باب: ما جاء من شرب الخمر فاجلدوه ومن عاد في الرابعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>