وقوله:{عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} لماذا خص بني إسرائيل؟ خص بني إسرائيل لأنهم أكثر الناس قتلًا للأنبياء، وللذين يأمرون بالقسط من الناس، فخصهم بذلك، لكثرة العدوان فيهم.
فإذا قال قائل: وهل أيضًا كثرة الإحياء موجودة فيهم؟
قلنا: لا، لكن قد يذكر الشيء مع مقابله لتمام التقسيم.
قوله:{وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ} الجملة في مثل هذا التركيب مؤكدة بثلاثة مؤكدات: القسم المدلول عليه باللام، و"اللام"، و"قد"، وهذه الصيغة لها أمثلة كثيرة في القرآن.
قوله:{وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ}{رُسُلُنَا}: الذين أرسلهم الله عزّ وجل، فأضاف الرسل إليه؛ لأنه هو الذي أرسلهم، وربما نقول: وتشريفًا لهم؛ لأن الرسول يَشْرُفُ بشرف مرسله، فالله عزّ وجل شرفهم بإضافة رسالتهم إليه جلَّ وعلا، وقد تأتي الرسالة مضافة إلى المرسل إليهم، مثل قوله تعالى:{وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ}[المائدة: ٣٢]، ولا تناقض بينهما، فهم رسل الله لأنه هو الذي أرسلهم، ورسل إلى الخلق لأنهم بلغوهم رسالات الله عزّ وجل.
وقوله:{بِالْبَيِّنَاتِ} هذه صفة لموصوف محذوف، التقدير: بالآيات البينات، أي: الواضحات الظاهرات التي لا يأتي بها إلا رسول من عند الله، وقد جعل الله عزّ وجل آيات الرسل مناسبة لعصرهم، كما ذكر أهل العلم، أن موسى عليه الصلاة والسلام أتى بالعصا وباليد؛ لأن السحر انتشر في عهده، فأتى بآيات لا يمكن للسحرة أن يعارضوها، وعيسى عليه الصلاة والسلام أتى في زمن ترقى فيه الطب، فأتى بآيات لا يمكن للطب أن يعارضها، وهي: إحياء الموتى، وإخراجهم من القبور، وإبراء