ولا يقدر شيئًا إلا لحكمة، وأما من قال: إنه لا يجوز إثبات الحكمة لله عزّ وجل وأن الله يفعل لمجرد المشيئة، ويشرع لمجرد المشيئة، فإن هذا قول باطل من نحو ألف وجه كما ذكره بعض العلماء، ثم إنه تنقصٌ لله عزّ وجل أن تكون أفعاله وأحكامه الشرعية مبنية على غير حكمة.
وقد أبطل الله تعالى ذلك في آيات متعددة: قال تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ}[الدخان: ٣٨]{مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ}[الدخان: ٣٩]، وقال تعالى:{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}[المؤمنون: ١١٥]. وذكر الله تعالى أنه ينزل من السماء ماءً ليحيي به الأرض بعد موتها، والآيات في هذا كثيرة، والنصوص كثيرة، وإثبات الحكمة لله هو غاية التنزيه عن النقص والعيب، خلافًا لمن قال: إنه لا يجوز إثبات الحكمة والعلة في أفعال الله تعالى وشرعه، قالوا: لأنك لو أثبت العلة لله لجعلت الله تعالى يفعل لغرض، والغرض ممنوع، ولهذا من عباراتهم السائرة الباطلة: سبحان من تنزه عن الأعراض والأبعاض والأغراض، هذه العبارة لو سمعها العامي لبكى؛ لأنها مزوقة ومزخرفة ويعنون بالأبعاض: الوجه واليد والعين والقدم والساق، قالوا: لا يمكن أن يكون لله هذه الصفات؛ لأن هذه أبعاض.
والأعراض: الأفعال؛ لأن الفعل عرض كالاستواء على العرش والنزول إلى السماء الدنيا وما أشبه ذلك.
والأغراض: الحِكم، نحن نقول: سبحان من اتصف بما يليق به، ومن أعظم ما يليق به: الحكمة، أن تكون أفعاله وأحكامه الشرعية مبنية على الحكمة. إذًا نقول: الحكمة ليس فيها نقص.