للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفائدة الرابعة: أن الله تعالى يريد من عباده أن تطهر الأرض من الفساد، ولذلك عاقب الذين يسعون في الأرض فسادًا بهذه العقوبة العظيمة، وقد قال الله تعالى: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا} [الأعراف: ٥٦]، قال أهل العلم: الفساد في الأرض بعد إصلاحها يعني المعاصي، لقوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ} [الروم: ٤١]، ولكن كما قلنا في الآية التي قبلها: من الفساد في الأرض ما لا يؤدي إلى هذه العقوبة على حسب النصوص.

الفائدة الخامسة: أن عقوبة هؤلاء متنوعة: الأول: القتل، والثاني: الصلب، والثالث: تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف، والرابع: النفي من الأرض، و"أو" في هذه الآية هل هي للتنويع أو للتخيير؟ في هذا قولان للعلماء: منهم من قال: إنها للتخيير وأن للإمام أن يقتِّل أو يصلب، وله أن يعدل إلى تقطيع الأيدي والأرجل من خلاف، وله أن يعدل إلى النفي في الأرض، لكن يجب عليه أن ينظر ما هو الأصلح؛ لأن كل من خُيِّر لمصلحة غيره وجب عليه اتباع الأصلح، وكل من خير لمصلحة نفسه والتيسير على نفسه فله أن يختار الأيسر، فعندنا الآن تخيير مصلحة وتخيير تيسير، من خير لمصلحة الغير فتخيير مصلحة، فولي اليتيم إذا قيل له: لك أن تبيع ملكه أو تشترى له ملكًا أو ما أشبه ذلك، فهذا التخيير يعتبر تخيير مصلحة لا تشهي وتيسير.

وقوله تعالى في كفارة اليمين: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المائدة: ٨٩] هذا تخيير تيسير وتشهي.

<<  <  ج: ص:  >  >>