فمن العلماء من قال: إن "أو" هنا للتخيير وأن الإمام مخير بين هذه العقوبات الأربع، ولكن يجب عليه أن يفعل الأصلح، فإذا كان الأصلح أن يقتلوا أو يصلبوا؛ لأن ذلك أعظم هيبة في قلوب المجرمين وجب عليه أن يقتل أو يصلب، وإذا كان المجرمون يرتدعون بدون ذلك، فإنه لا يعدل إلى الأعلى في العقوبة؛ لأن هذا كدفع الصائل.
ومنهم من قال: إن "أو" للتنويع وليست للتخيير، وأن هذه العقوبات تختلف بحسب الجرائم، ووزعوها كما يلي: قالوا: من قتل وأخذ المال فإنه يقتل ويصلب، أي: إذا جمع بين الأمرين فينه يقتل ويصلب؛ لأنه فعل جريمتين فضوعفت عليه العقوبة، ومن قتل ولم يأخذ مالًا فإنه يقتل ولا يصلب، ومن أخذ مالًا ولم يقتل، انتقل به إلى العقوبة الثالثة حسب سياق الآية، وهي الثانية حسب ترتيب العلماء وهي:{أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} حتى وإن سرقوا -عند بعض العلماء- ما لا يبلغ النصاب، -أي: نصاب السرقة- مثل أن يكون مع الرجل أقل من نصاب السرقة وخرج عليه هؤلاء القطاع، ومعهم السلاح وقالوا: أعطنا ما معك، فأخذوه منه قهرًا، وهو لا يبلغ ربع دينار فإنه تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، وقال بعض العلماء: إنها لا تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف، إلا إذا أخذوا ما يقطع بمثله السارق وهو ربع دينار.
بقى علينا النفي من الأرض، والنفي من الأرض: أن الإمام ينفيه من بقعته التي هو فيها إلى أرض أخرى؛ لأنه إذا تغير عليه المكان والجو ربما يستقيم ويتوب، وقيل: معنى النفي من