للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض: أن يحبس، حتى لا يتجول في الأرض التي كان يتجول فيها؛ لأنه إذا حبس في بيت أو في حجرة صدق عليه أنه نفي من الأرض التي كان بالأمس يسير فيها في الهواء الطلق لا يخاف أحدًا.

والصحيح أن المراد بالنفي من الأرض: الطرد من الأرض، إلا إذا كنا نخشى إن طردناه من أرضه أن يرتكب الجريمة في الأرض الأخرى، فحينئذٍ ليس له إلا الحبس، وعقوبة النفي من الأرض قال العلماء الذين يجعلون "أو" للتنويع، قالوا: هذا فيمن أخاف الطريق ولم يأخذ المال ولم يقتل النفس؛ لأننا إذا نفيناه كفينا الناس شره، وإذا حبسناه على القول الثاني كفينا الناس شره، لكن أي القولين أولى؟ الثاني أضبط لأن الخيانة مأمونة فيه، والأول أنسب؛ لأن المقصود من الحدود التقويم، أي: تقويم الناس، فإذا كانوا يمكن أن يُقَوَّموا بدون القتل والصلب قُوِّمُوا، لكن هذا لا تؤمن فيه الخيانة، أي: خيانة الإمام وولي الأمر، فيقول: هذا يستحق القتل والصلب، وتأتيه القضية نفسها في وقت آخر، فيقول: هذا لا يستحق القتل والصلب؛ لأن الثاني شريف والأول وضيع، فمن قال بالتحديد وأن هذا لا بد منه بحسب الجريمة، فقوله أقرب إلى الصواب من جهة الضبط، وأنه لا يمكن أن يتعدى ما حد له، ومن قال بأن "أو" للتخيير، وأن الإمام غير فقوله أولى من حيث إن الحدود لتقويم الخلق، فإذا أمكن التقويم بما هو أقل وجب الاقتصار عليه.

فإن قال قائل: هل وقع مثل هذا في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟

<<  <  ج: ص:  >  >>