للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: إذا طلب أولياء المقتول أن يقتلوا قتلوا؛ لأن حق الآدمي لا يسقط، لكن لو لم يتوبوا وأُتينا بهم، ثم قال أولياء المقتول: نحن قد عفونا هل يسقط؟ لا؛ لأنه حد، فالقتل حتم إذا لم يتوبوا؛ أما إذا تابوا انتقل الحد إلى حق الآدمي، إذا عفا فلا بأس.

وهل يلحق بذلك سائر الحدود كحد الزنا والسرقة وما أشبه ذلك؟ الجواب: نعم يلحق به؛ لأن التوبة إذا أسقطت هذا الحد العظيم في الجرم العظيم فما دونه من باب أولى، فالسارق مثلًا إذا تاب إلى الله، وأتى بالمال المسروق ورده إلى صاحبه فإننا لا نقطع يده؛ لأنه تاب إلى الله قبل أن نقدر عليه.

الفائدة العاشرة: أنهم إذا تابوا بعد القدرة فإن توبتهم لا تقبل، وهنا يرد إشكال، وهو ما جرى في قصة أسامة بن زيد رضي الله عنه حين لحق المشرك، فلما أدركه قال: لا إله إلا الله، فقتله أسامة، والذي يظهر أن هذا المشرك قال: لا إله إلا الله تعوذًا من القتل، فلما جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام وأخبره الخبر، قال: "قتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله" قال: نعم يا رسول الله، قتلته، لكنه قالها تعوذًا وخوفًا من القتل؛ لأنه لو كان صادقًا لأسلم قبل أن يهدد بالقتل، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يردد: "أقتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله، فماذا تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة" (١)، حتى تمنى أسامة أنه لم يكن أسلم من


(١) رواه البخاري، كتاب المغازي، باب بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد إلى الحرقات، حديث رقم (٤٠٢١)، ومسلم، كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال: لا إله إلا الله، حديث رقم (٩٦) عن أسامة بن زيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>