ذكرنا من قبل أن تصدير الخطاب بالنداء يدل على أهميته، ثم توجيه النداء إلى المؤمنين يدل على أن امتثال هذا من مقتضيات الإيمان، وأن مخالفته نقص في الإيمان، وأنه ينبغي إغراء الشخص المخاطب بما يحمله على الامتثال، يعني في الخطاب ينبغي أن تغري الشخص بما يحمله على الامتثال؛ لأن وصف الإنسان بالشيء الذي يحمله على الفعل والامتثال لا شك أنه يغريه ويزيده نشاطًا، فنقول مثلًا: يا أيها الكريم أكرم الضيف؛ لأنك إذا ناديته بـ (يا أيها الكريم)، فسوف يكون ذلك دافعًا له على إكرام الضيف.
وقوله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} هكذا تأتي مطلقة في كثير من الآيات، فآمنوا بمن؟ نقول: الإيمان فسره النبي عليه الصلاة والسلام أبين تفسير حيث مسألة جبريل عن الإيمان، فقال:"أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر"(١)، وعلى هذا فيكون قوله:{آمَنُوا} أي: بما يجب الإيمان به وهي أركان الإيمان الستة.
قوله:{اتَّقُوا اللَّهَ} اتخذوا وقاية من عذابه وذلك بفعل الأوامر واجتناب النواهي على علم؛ لأن الإنسان قد يفعل شيئًا مأمورًا به لكن على غير علم أو يترك شيئًا منهيًّا عنه على غير علم، لكن لابد من العلم ليكون ذلك من خشية الله، كما قال الله تعالى:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر: ٢٨].
ولهذا فسر بعض العلماء التقوى بأنها أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك ما نهى الله على نور