للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من الله تخشى عقاب الله، والنور: هو العلم، ولهذا نقول: أجمع ما قيل في تعريفها: أنها امتثال أمر الله واجتناب نواهيه علي علم حتى يحصل له الخشية؛ لأنه {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}.

هل نقول: اتقوا الله نفسه، أو اتقوا عذاب الله؟ كلاهما صحيح؛ لأن الله قال: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ} [آل عمران: ٢٨]. فحذرنا الله تعالى من نفسه عزّ وجل، وإنما حذرنا منها لأنه قال لنا: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: ٩٨]. وهذا خبر أخبرنا به الله عزّ وجل وقال لنبيه: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (٤٩) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (٥٠)} [الحجر: ٤٩، ٥٠]، فإذًا يحذرنا الله نفسه أن يعاقبنا على مخالفته.

قوله: {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ}، أي: اطلبوا إليه، "الوسيلة": مفعول {وَابْتَغُوا}، يعني: اطلبوا الوسيلة إليه، والوسيلة: هي التقرب إلى الله، كما فسرها كثير من المفسرين بأن معناها: ابتغوا القربة إليه، يعني: اطلبوا ما يقربكم إليه، فإذا كان الله أمرنا أن نطلب ما يقربنا إليه، فالذي يقربنا إليه هو امتثال أمره واجتناب نهيه طلبًا للقرب منه.

وقوله: {الْوَسِيلَةَ} ليس المراد بالوسيلة ما هو معروف عند المتأخرين، بأن يتخذ الإنسان وسائل في دعائه أو نحو ذلك؛ بل المراد: ابتغوا التقرب إليه، لكن بعض المحرفين قال: المراد بالوسيلة: الولي أو النبي أو جاه النبي أو جاه الولي، وهذا تحريف باطل، وإنما الوسيلة: الشيء الموصل إلى الله وإلى التقرب إليه عزّ وجل.

<<  <  ج: ص:  >  >>