للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {وَالدَّمُ} الدم هنا مطلق و"أل" فيه لبيان الحقيقة، ولكنه قُيد في سورة الأنعام بالدم المسفوح، احترازًا من الدم الذي يبقى في العروق بعد التذكية فإنه ليس بحرام؛ لأنه لا يمكن أن تأخذ العرق وتمصه بعد أن يذكى، فالحرام هو الدم المسفوح الذي يخرج عند الذكاة أو يخرج عند فصد العرق أو ما أشبه ذلك، وكانوا في الجاهلية يأكلون الميتات ولا يبالون بها، ويقولون: كيف تحرمون ما قتله الله ولا تحرمون ما قتلتموه، يعني: بالذكاة، وكانوا أيضًا يأكلون الدم المسفوح، يَفصد الإنسان عرق ناقته ويمصه، فحرمه الله عزّ وجل.

وعلى هذا فالكبد لا تحرم، والطحال لا يحرم، والكلى لا تحرم، والدم الذي يكون في القلب لا يحرم، والدم الذي يبقى في العروق لا يحرم؛ لأن الدم قيده الله بالمسفوح.

قوله: {وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} لحم الخنزير حرام، والخنزير معروف، حيوان خبيث من شأنه أن يأكل القاذورات والحشرات وما أشبهها، وهو أيضًا معروف بعدم الغيرة، والذي يتغذى به يكتسب من طبيعته، ولهذا "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير" (١) لأن ذوات الأنياب والمخالب من طبيعتها الاعتداء، وأن تفترس غيرها، فلذلك نهى عنها لئلا يتأثر الإنسان بغذائه منها.

قوله: {وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} الإهلال في الأصل رفع


(١) رواه مسلم، كتاب الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان، باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، حديث رقم (١٩٣٤) عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>