للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المسؤولية على الجميع، بمعنى لو تهاون الإمام وجب على الأمة أن تطالب بقطع يد السارق كما سنذكره إن شاء الله في الفوائد.

وقوله: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} "الفاء" هنا ما موقعها؟ يعني كيف جاءت الفاء والجملة ليست شرطية؟ والجواب عن هذا أن نقول: لما كان الاسم الموصول موغلًا في الإبهام صار كاسم الشرط، واسم الشرط إذا كان جوابه طلبًا، يعني أمرًا أو نهيًا؛ وَجَب اقترانه بالفاء، وهذا واضح، ومثلها قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ} [النور: ٢].

وقوله: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} "أيد" هنا جُمِعت مع أن المقصود أن يُقطع من كل منهما يد واحدة، فكيف جمعت هل المعنى أن نقطع الأربع الأيدي أم ماذا؟ نقول: لا، لا نقطع الأربع الأيدي، إنما يقطع من السارق والسارقة يدان اثنتان، لكن الأفصح في اللغة العربية أنه إذا أضيف المثنى إلى ما يفيد التعدد فإنه يُجمع، كراهة أن تجتمع تثنيتان فيما هو كالكلمة الواحدة؛ لأن المضاف والمضاف إليه كأنهما كلمة واحدة، ولهذا قال الله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤]، مع أن الواحدة لها قلب واحد، وقال تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: ٤]، ويجوز التثنية في غير القرآن مثاله: (اقطعوا يديهما)، ويجوز الإفراد: (اقطعوا يدهما)، إلا إذا كان يترتب على ذلك التباس واختلاف، فإنه يجب أن يكون الجزء الأول من المضاف والمضاف إليه على حسب الواقع، فمثلًا إذا قلت: اشتريت من الرجلين عبدهما، هنا إذا كان عبدًا واحدًا يجب أن تقول: عبدهما، ويدل ذلك على أن العبد مشترك بينهما، لكن إذا اشتريت من كل واحد عبده؛ تقول: عبديهما، إذا كنت

<<  <  ج: ص:  >  >>