للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجواب: اختلف العلماء في تخريج حديث المرأة المخزومية، فمنهم من قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قطع يدها لأنها كانت تسرق لا أنها تجحد المتاع، لكنها ذكرت بهذا الوصف لأنها اشتهرت به؛ لا لأن الحكم مبني عليه، فالحديث فيه أنها كانت تستعير المتاع فتجحده، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطع يدها، قالوا: إن الحديث معناه أنها كانت تستعير المتاع فتجحده لأنها عُرِفت بهذا، لكنَّ هناك إضمارًا تقديره: فسرقت فقطع يدها، لكن هذا غير صحيح، هذا تحريف للكلم عن مواضعه، والصحيح أن جحد العارية سرقة؛ لأن أي إنسان يريد أن يسرق فبدلًا من أن يذهب ويكسر الأقفال والأبواب ويأخذ على وجه الاختفاء، بدلًا من ذلك يأتي إلى الشخص ويقول: جزاك الله خيرًا أنا محتاج إلى هذا الإناء أطبخ فيه للضيوف، وآتي به إليك إن شاء الله، وربما يبقى في الطعام فضلة فآتيك به، ويلين القول فيعطيه ثم بعد ذلك يجحد، فالتحقيق أن جحد العارية نوع من السرقة؛ لأنه أخذ المال على وجه الاختفاء.

قوله: {وَالسَّارِقُ} الأنثى يقام عليها الحد كما يقام على السارق، وهنا نجد أن الله -بدأ بالسارق قبل السارقة، وفي باب الزنا ذكر الله الزانية قبل الزاني، والحكمة في ذلك، أن السرقة مبناها على القوة والجلد والنشاط، والرجال أخص من النساء في هذا، فبدأ بهم، ولذلك نجد السُّراق من الرجال أكثر منهم من النساء، أما الزنا فبالعكس؛ لأن الزنا سلع البغايا -والعياذ بالله- فبدأ بالزانية؛ لأنه في النساء أكثر كما هو مشاهد.

قوله: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} {اقْطَعُوا}: الخطاب للأمة جميعًا، لكن المقصود بالذات والعين هو الإمام أو نائبه، لكن

<<  <  ج: ص:  >  >>