نمنعه؟ الظاهر لا نمنعه، بخلاف السرقة، فللشارع قصد في إتلاف يده، وأما القصاص فالمقصود منه أن تقطع يد الجاني كما قطعت يد المجني عليه، ولهذا لو فرض أن المجني عليه ردت يده وعادت سليمة مائة بالمائة لا يقطع الجاني.
الفائدة الخامسة: الحكمة في وجوب قطع يد السارق، لقوله:{جَزَاءً بِمَا كَسَبَا}.
الفائدة السادسة: أن العقوبة من جنس العمل، وإن شئت فقل: الجزاء من جنس العمل؛ لأنه لما سرق والغالب أن الأخذ والإعطاء باليمين قطعت يده.
فإن قال قائل: يلزم على قولكم بقطع الآلة التي سرق بها أن توجبوا قطع ذكر الزاني، فما الجواب؟
الجواب: على كل حال واضح، وهو أن الزاني ذكر الله له عقوبة خاصة والسارق له عقوبة خاصة، هذا دليل سمعي، وأما الدليل العقلي: فالضرر الذي يترتب على قطع الذكر ليس كالضرر الذي يترتب على قطع اليد؛ لأن هذا يلزم منه قطع النسل ومصادمة ما يريده الرسول عليه الصلاة والسلام من هذه الأمة وهو تكثير النسل (١)، وأيضأ لأن يد السارق إذًا قطعت صارت نكالًا لأن اليد ظاهرة، لكن قطع ذكر الزاني لا يعلمه أحد؛ لأنه
(١) رواه أبو داود، كتاب النكاح، باب النهي عن تزويج من لم يلد من النساء، حديث رقم (٢٢٥٠)، والنسائي، كتاب النكاح، باب كراهية تزويج العقيم، حديث رقم (٣٢٢٧) كلاهما عن معقل بن يسار، وأحمد (٣/ ١٥٨) (١٢٦٣٤) عن أنس، وابن ماجه، كتاب النكاح، باب ما جاء في فضل النكاح، حديث رقم (١٨٤٦) عن عائشة.