للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في الجاهلية إذا أراد أحدهم الأمر ولم يتبين له وجه الصواب استقسم بالأزلام، والأزلام جمع زلم وهي الأقداح، التي يستقسم بها فيكتب على أحدها افْعَل وعلى الثاني لا تفعل، والثالث لا يكتب عليه شيء، ثم يضعها في كيس أو نحوه ويخلط بينها ثم يُخرِجُ واحدًا منها، فإن خرج افعل فعل، وإن خرج لا تفعل لم يفعل، وإن خرج الثالث أعاد، وهم إنما يجعلون الثالث الذي ليس فيه افعل ولا تفعل من أجل أن يطول الاستقسام؛ لأنهما لو كانا قدحين لخرج من أول مرة، لكن يجعلون الثالث من أجل أن يتأخر الاستقسام لعلهم يرجحون شيئًا على آخر.

قوله: {ذَلِكُمْ فِسْقٌ} {ذَلِكُمْ} المشار إليه كل ما سبق، أو الاستقسام بالأزلام؟ القاعدة: أنه إذا أمكن أن يعود اسم الإشارة أو الضمير إلى كل ما سبق فمحمول عليه.

وقوله: {فِسْقٌ} الفسق معناه الخروج عن الطاعة، ومنه قولهم: فسقت الثمرة إذا خرجت من قشرها، كذلك الخارج عن الطاعة فاسق لأنه خارج عما يجب أن يكون عليه.

قوله: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ} "أل" هنا للعهد الحضوري، {الْيَوْمَ} يعني الذي نزلت فيه هذه الآية، واعلم أن "أل" العهدية تأتي للعهد الحضوري وتقدم، وتأتي للعهد الذهني أي: المعلوم في الذهن، مثاله تقول: ذهبت مع خصمي إلى القاضي، فالمراد بالقاضي هنا هو الذي يحكم بين الناس، وأما العهد الذكري فإن "أل" تشير فيه إلى مذكور مثاله قوله تعالى: {كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا} [المزمل: ١٥] {فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل: ١٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>