للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ}، يعني: يئسوا من أن يغيروه أو يبدلوه؛ لأن الدين الإسلامي والحمد لله قد انتشر وبان وظهر.

قوله: {فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} فلا داعي للخشية الآن، ما دام دينكم قد ظهر ويئس هؤلاء الكفار من أن يقضوا عليه فلا تخشوهم واخشون، "والخشية" هي: الخوف الناتج عن علم، دليل ذلك قول الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨].

قال أهل العلم: الفرق بين الخشية والخوف: أن الخشية تكون عن علم، والخوف لا يلزم أن يكون عن علم.

ثانيًا: أن الخشية تكون من عِظَمِ المخشي وإن كان الخاشي قويًّا، لكن المخشي يكون أقوى منه، والخوف لا يدل على عظم المخوف، وإنما يدل على ضعف الخائف أمام من يخاف منه وإن لم يكن قويًّا، وهذا فرق واضح، فالطفل الذي له أربع سنوات يخاف من الطفل الذي له ثمان سنوات مع أن الثاني ضعيف، لكن الذي يخشى من ملك أو صاحب سلطان قوي هذا يقال: إنه خاشي.

قوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} أي: جعلته كاملًا، وليس المعنى أنني أتممت شرائعه؛ لأنه نزل بعد هذه الآية شيء من الشرائع، فالمعنى أن الدين كامل ولا يعني ذلك أنه تام، ولهذا فرق فقال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي}.

لو قال قائل: هذا يصدق من أول يوم نزل فيه الشرع؟

الجواب: لا؛ لأن الشرائع لم تتكامل من أول يوم نزل فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>