الشرع، ولا يمكن أن يقول الله جل وعلا:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} ولم ينزل إلا الجزء اليسير.
وقوله:{أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} أي: ما تدينون الله به من العبادة.
قوله:{وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} التي هي إكمال الدين وهي أكبر النعم، ومعنى إتمامها أي: ليس فيها نقص.
قوله:{وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} أي: رضيت لكم الإسلام الذي جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - دينًا تدينون الله به فلا تتخذوا دينًا سواه.
ثم قال بعد أن ذكر هذه النعم العظيمة علينا -قال عَوْدًا على ما ابتدأ في الآية- قال تعالى:{فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ}{اضْطُرَّ} فيها قراءتان "فمنِ اضطر" بكسرالنون لالتقاء الساكنين، والقراءة الثانية "فمنُ اضطر" بضم النون لمناسبة الضمة للفعل؛ لأن الضمة تناسب الطاء المضمومة فقد تكون أيسر في النطق، فاضطر، بمعنى: أصابته الضرورة، وأصلها اضتر، فقلبت التاء طاءً لعلة تصريفية معروفة في علم الصرف.
وقوله:{فِي مَخْمَصَةٍ} المخمصة المجاعة، ويدل لذلك قول الرسول عليه الصلاة والسلام: "لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكمٍ كما يرزق الطير تغدو خماصًا -أي: تذهب في الصباح خماصًا؛ أي: جائعة- وتروح بطانًا (١).
(١) رواه الترمذي، كتاب الزهد، باب في التوكل على الله، حديث رقم (٢٣٤٤)، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب التوكل واليقين، حديث رقم (٤١٦٤)، وأحمد (١/ ٥٢) (٣٧٠)، والحاكم (٤/ ٣٥٤)، وابن حبان (٢/ ٥١٠) (٧٣٠) عن عمر بن الخطاب.