مثال الأول: قول الله تبارك وتعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (١٧) وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (١٨)} [التكوير: ١٧ - ١٨] الليل إذا عسعس: قال بعضهم: معناها أدبر، وقال بعضهم: معناها أقبل، وكلاهما صالح في السياق وفي اللغة العربية، فماذا نقول في مثل هذا؟ نقول: تُحمل الآية على المعنيين جميعًا ولا مانع؛ لأن كلام الله تعالى واسع، ومثاله أيضًا قوله تعالى: {وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (٦)} [الطور: ٦] هل معنى: "البحر المسجور" الذي سيسجَّر ويكون نارًا يوم القيامة أو المسجور المملوء، أو المسجور الممنوع عن الفيضان على الأرض فيه أقوال. هل كل قول ينافي الآخر؟
الجواب: لا، هل المسجور ظاهرة في أحدها دون الآخر؟
الجواب: لا، بل اللفظ صالح للجميع، حينئذٍ نقول: المسجور، الذي سيسجر كما قال الله تعالى: {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ (٦)} [التكوير: ٦] والمسجور المملوء كما تقول العرب: دلو مسجورة، أي: مملوؤة، والمسجور الممنوع كما يقال: سجرت الدابة بالقيد، أي: منعتها من الشرود، فالآية صالحة للجميع، أي: تحمل على الجميع، ولا مانع لأن كلام الله عزّ وجل كما تقدم واسع.
مثال آخر: قول الله تبارك وتعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة: ٢٢٨]، يرى بعض العلماء أن المراد بالقروء الأطهار، ويرى آخرون أن المراد بالقروء الحيض، هذان المعنيان لا يمكن أن تحمل الآية عليهما جميعًا؛ لأنهما متنافيان، إذًا لا بد من مرجِّح خارجي، المرجح الخارجي إما من السنة أو من كلام العرب أو من غير ذلك، المهم لا بد من مرجح، إذا