للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلم عن مواضعه، نعم لو فُرِض أنك حملته على غير ظاهره لدليل من القرآن والسنة فلا بأس، لكن لمجرد أنك تعتقد خلاف ما يدل عليه الظاهر فهذا لا يجوز أبدًا، ولا يحل، وهو من تحريف الكلم عن مواضعه، ومن اتخاذ الإنسان نفسه مشرعًا مع الله، وهذا نجده كثيرًا عند الفقهاء رحمهم الله في بعض المسائل، تجد أن الإنسان يحرف الدليل تحريفًا ظاهرًا من أجل أنه يعتقد خلاف ما يدل عليه، ولهذا أمثلة.

مثلًا يرى الفقهاء رحمهم الله أن الرجل لا يجوز أن يتطهر بفضل طهور المرأة، ويجوز للمرأة أن تتطهر بفضل طهور الرجل، ثم يستدلون بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يغتسل الرجل بفضل المرأة، ولا المرأة بفضل الرجل وليغترفا جميعًا" (١)، ماذا نقول الآن؟ نقول هذا تناقض، كيف يستدل بهذا الحديث على منع تطهر الرجل بفضل طهور المرأة، وجواز تطهر المرأة بفضل طهور الرجل مع أن الحديث واحد؟ ! ! والذي يحمل على هذا هو اعتقادهم أن هذا هو الصواب.

وكذلك حديث عائشة رضي الله عنها المشهور: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه" (٢)، هذا الحديث حمله بعض الفقهاء على أن المراد به النذر، وقال: إن المرء إذا مات وعليه صيام


(١) رواه أبو داود، كتاب الطهارة، باب النهي عن ذلك، حديث رقم (٨١)، والنسائي، كتاب الطهارة، باب ذكر النهي عن الاغتسال بفضل الجنب، حديث رقم (٢٣٨) عن رجل صحب النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(٢) رواه البخاري، كتاب الصوم، باب من مات وعليه صوم، حديث رقم (١٨٥١)، ومسلم، كتاب الصيام، باب قضاء الصيام عن الميت، حديث رقم (١١٤٧) عن عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>