للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يعني أن الله إذا أراد فتنة أحد فإنه لا يستطيع أحد من الخلق أن يرد هذه الإرادة، بل لا بد أن تقع، ولكن هل إرادة الله في فتنة أحد من الناس مبنية على غير حكمة؟

الجواب: لا، بل هي مبنية على حكمة، والحكمة ذكرت في قول الله تبارك وتعالى: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: ٥]، إذًا هم السبب، فلما علم الله أن ليس في قلوبهم خير أزاغها، كما قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٧٠)} [الأنفال: ٧٠].

إذًا نقول: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ} أي: إضلاله: {فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا}، هذا فيمن هو أهل للإضلال.

قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ} أولئك: المشار إليهم هؤلاء اليهود الذين لا يقبلون من الحق إلا ما وافق أهواءهم.

قوله: {لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} أي: من الشك والشرك والإلحاد وغير ذلك، وإنما ذكر القلوب؛ لأن القلوب هي محل الصلاح والفساد، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت، فسد الجسد كله، ألا وهي القلب" (١).

قوله: {لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ} أي: ذل وعار، وذلهم وعارهم أما من جهة اليهود فبقتالهم والغلبة عليهم، وقد حصل والحمد لله ذلك، فإن قبائل اليهود التي كانت في المدينة منهم من قُتِل ومنهم من جُلِّي، فهذا خزيٌ في الدنيا، وأما في الآخرة فلهم عذاب


(١) تقدم ص ١٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>