للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وضرب المفسرون لهذا مثلًا بقصة الرجم، كان الرجم -أعني رجم الزاني- محكومًا به في التوراة وكانت بنو إسرائيل ترجم من زنا، فلما كثر الزنا في أشرافهم صعُب عليهم أن يرجموا أشرافهم فقالوا: لا نرجم ولكننا نحمِّم الوجه، أي: نسوده، ونُرْكِبُ الزانيين على حمار، كل واحد منهما مستدبر الآخر، ونطوف بهما في الأسواق فقط، ولا نرجم، فقدر الله عزّ وجل أن يزني من اليهود رجل وامرأة، فرفعوا الأمر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - (١)، وقال أحبارهم: إن آتاكم محمد هذا، يعني تحميم الوجه والطواف بهم في البلد فخذوه، وان لم يعطكم وأمر بالرجم فاحذروا.

وهذا مثال وليس حصرًا لمعنى الآية، بل المراد أنهم يعينون -أي: الأحبار- أحكامًا لعامتهم ويقولون: إن حَكَمَ بها محمد فاقبلوها وإن لم يحكم فاحذروا.

قوله: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} وتحريفهم الكلم هنا تحريف معنوي، بمعنى أنهم جعلوا الرجم منسوخًا وأنه لا يجب العمل به، وسنذكر إن شاء الله في الفوائد أن التحريف ينقسم إلى قسمين.

قوله: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ} يعني: ضلاله {فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} وهذا تسلية للرسول عليه الصلاة والسلام،


(١) انظر: صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنا، حديث رقم (١٧٠٠)، سنن أبي داود، كتاب الحدود، باب في رجم اليهوديين، حديث رقم (٤٤٤٨)، مسند أحمد (٤/ ٢٦٨) (١٨٥٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>