للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فواجب الإنسان التسليم وعدم التحريف، فالتحريف هنا أشد من أن يحرف الإنسان آية في حكم من الأحكام أو حديثًا؛ لأن الأول يتعلق بالخالق، وهذا يتعلق بالمخلوق.

الثاني: التحريف اللفظي، وهو أيضًا محرم، ولكنه قليل، وذلك لأن محرف التحريف اللفظي إن كان لا يتغير به المعنى، فلن يقيم عليه؛ لأنه لا يستفيد، سوف يظهر الناس عليه حتى العامة سيردون عليه، وإن كان يتغير به المعنى، فقد جمع بين التحريف اللفظي والتحريف المعنوي، فالذي يقول: إن الله استوى على العرش، لكن معنى استوى: استولى، هذا محرِّف تحريفًا معنويًّا، والذي قرأ: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: ١٦٤] بنصب لفظ الجلالة، هذا محرف تحريفًا لفظيًّا ومعنويًّا؛ لأنه إذا قال: كلم اللهَ موسى تكليمًا، صار الكلام من موسى، وهذا تحريف معنوي، وإذا نصب لفظ الجلالة، فهو تحريف لفظي، والذي يقول: الحمد لله ربَّ العالمين، بنصب (رب) محرِّف تحريفًا لفظيًّا؛ لأن المعنى لا يختلف، لكن اللفظ يختلف، وكل أنواع التحريف المعنوي واللفظي محرم، ثم إن تعمد الشيء مع علمه بمراد الله ورسوله، فهذا قد يصل إلى الكفر والعياذ بالله؛ لأنه قال على الله ما يعلم أن الحق في خلافه.

الفائدة الحادية عشرة: أن التحريف المذموم، هو الذي يقع بعد معرفة الإنسان للحق؛ لقوله: {مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ} وفي الآية الأخرى {عَنْ مَوَاضِعِهِ} [المائدة: ١٣] فهم يريدون أن يُزيلوا الكلم عن مواضعه.

أما الإنسان الذي تأوَّل بتاويل سائغ فإنه لا يذم، ولا يُعد

<<  <  ج: ص:  >  >>