للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعله تحريفًا يأثم به؛ وذلك لأن أهل التأويل لهم شُبَه، فهم فهموا أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه وهذا فهم خاطئ بلا شك، فقالوا: إذا قلت: إن معنى قوله تعالى: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: ٥٤] إنه علا على العرش واستقر فقط؛ جعلته جسمًا، والأجسام متماثلة، وما أشبه ذلك من الشبهات، وكذلك في مسألة اليدين والعينين، لكن لو قالوا: إن قوله: {اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} بمعنى أنه أعدم العرش فهذا لا يصح؛ لأنه لا يسوغ، فالتأويل السائغ هو الذي له وجه في اللغة، فقولهم: استولى له وجه في اللغة؛ لأن استوى تأتي بمعنى العلو المعنوي، والعلو المعنوي معناه الملك والقهر والاستحواذ، وما أشبه ذلك من الشبهات.

وهنا تنبيه وهو أن الصوأب أنه لا فرق بين ما يقال عنه أصول وفروع ما دام أن النص يسوغ فيه الاجتهاد، ثم تأوله الإنسان فلا يقال: إنه آثم كما تقدم، ولكن يقال: إن هذا خطأ، ونحن وإن كنا قد نعد تأويلهم تحريفًا فإننا نأثم به إذا وافقناهم ونعلم أنهم على غير صواب، ولهذا قد يعذر القائل ولا يعذر التابع.

الفائدة الثانية عشرة: أن من حرَّف الكلم عن مواضعه من هذه الأمة ففيه شبه من اليهود، فيقتضي هذا التحذير من تحريف الكلم عن مواضعه؛ لئلا يقع الإنسان في مشابهة اليهود.

الفائدة الثالثة عشرة: أن اليهود لا يقبلون من الحق إلا ما وافق أهواءهم، لقوله: {يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا} [المائدة: ٤١].

الفائدة الرابعة عشرة: ذم أولئك الذين لا يقبلون من الحق

<<  <  ج: ص:  >  >>