للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا ما وافق أهواءهم، وإذا لم يوافق أهواءهم ذهبوا يتطلبون الرخص من هذه الأمة، فإن كثيرًا من الناس على هذا المنوال، إذا أُفتي بما تطمئن إليه نفسه قَبِلَهُ، وإلا ذهب يطلب آخرين يفتونه بما يشتهي، فهذا نقول: إن فيه شبهًا من اليهود.

الفائدة الخامسة عشرة: شدة كراهة أحبار اليهود للحق، لقوله: {وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا}، لم يقولوا: فلا تأخذوه، بل قالوا: {فَاحْذَرُوا}، وهذا أشد وقعًا من قولهم: فلا تأخذوه، وكان مقتضى المقابلة أن يقال: وإن لم تؤتوه فلا تأخذوه، لكنهم قالوا: {فَاحْذَرُوا}.

لو قال قائل: ما أسباب رد الحق عند علماء بني إسرائيل؟

الجواب: أقول: رد الحق قد يكون استكبارًا، وقد يكون لشبهة تعرض للإنسان، ونحن نعلم أن علماء بني إسرائيل ردوا الحق استكبارًا؛ لأن الله يقول: {أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٩٧)} [الشعراء: ١٩٧]، لكن عوام بني إسرائيل لهم شبهة، وهي أن علماءهم يقولون: إن محمدًا عربي، والله جلَّ وعلا يقول: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة: ٢]، ثم لا يذكرون قوله: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣)} [الجمعة: ٣]، فيشبهون.

الفائدة السادسة عشرة: إثبات إرادة الله عزّ وجل، وأنها شاملة حتى لإرادة الإنسان لقوله: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} واعلم أن الإرادة تنقسم إلى قسمين: إرادة شرعية: وهي التي بمعنى المحبة، وإرادة كونية وهي التي بمعنى المشيئة، فهنا في قوله: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ}: الإرادة

<<  <  ج: ص:  >  >>