للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قريبين فيقولان: لا نريد أن نصل إلى القاضي ولكن نحكم فلانًا فلا يلزمه أن يحكم، لكن لا شك أنه يتأكد عليه أن يحكم، لما في ذلك من فض النزاع وبيان حكم الله عزّ وجل، ولكن لا يحكم حتى يستوثق من الجميع.

أما غير المسلمين، فالصواب أن الإنسان مخير إن شاء حكم وإن شاء لم يحكم، سواء كانوا ذميين تحت حكمنا أو معاهدين منفصلين عنا، أو حربيين، والحربي غالبًا لا يمكن أن يأتي إلينا؛ لأنه إذا أتى قتل؛ لأنه مباح الدم.

قوله: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ}. "أو" هنا هل هي للتنويع أو للتخيير؟

الجواب: هذه للتخيير، وإذا كانت للتخيير فهل هو تخيير تشهي أو مصلحة؟ نقول: هو تخيير مصلحة، وسيأتي في الفوائد إن شاء الله تعالى.

قوله: {وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا} لا في الدنيا ولا في الآخرة، إن تعرض عنهم ولا تحكم بينهم، فإنهم لن يضروك لكن قد يؤذونك، والأذية لا يلزم منها الضرر، بدليل أن الله سبحانه وتعالى أثبت أن بني آدم يؤذونه، ونفى أن يضره أحد، فقال جلَّ وعلا: "يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني" (١) وكذلك في القرآن: {إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا} [آل عمران: ١٧٦] الأذية ثبتت في القرآن والأحاديث القدسية، قال الله تعالى في القرآن: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب: ٥٧]


(١) رواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، حديث رقم (٢٥٧٧) عن أبي ذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>