للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال في الحديث القدسي: "يؤذيني ابن آدم يسب الدهر" (١) فالضرر منفي عن الله عزّ وجل بالقرآن والأحاديث القدسية، والأذية ثابتة، ومن المعلوم أنه لا يلزم من الأذية الضرر، بدليل أن الإنسان إذا جلس إلى جنبه رجل آكل بصلًا فإنه يتأذى به ولا يضره.

وقوله: {شَيْئًا} نكرة في سياق النفي بـ "لن" فيعم أي شيء، لن يضروك به في الدنيا ولا في الآخرة.

وقوله: {وَإِنْ حَكَمْتَ} يعني رأيت أن تحكم واخترت أن تحكم فاحكم بينهم بالقسط، والقسط هو العدل، حتى لو كان الحكم لكافر على مسلم يحكم عليه بالعدل، حتى إن العلماء رحمهم الله قالوا: يجب أن يعدل بين الخصمين ولو بين مسلم وكافر، في اللفظ واللحظ والجلوس والتقديم وكل شيء؛ لأن هذا حكم يجب أن يعدل فيه، فعبد الله بن رواحة لما بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - ليخرص على اليهود الثمار، جمعهم وقال: إني جئتكم من أحب الناس إليَّ، يعني: الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وإنكم لأبغض إليَّ من عدتكم من القردة والخنازير -رضي الله عنه كلمة شجاع- وما حبي له وبغضي لكم بموجب أن لا أعدل فيكم، وإلا من المعلوم أن النفس بالطبيعة البشرية تميل مع من تحب، وعلى من تبغض، لكن هو يقول: لا يمكن أن لا أعدل فيكم، فقالوا: بهذا قامت السموات والأرض، وعدل فيهم رضي الله عنه (٢).


(١) رواه البخاري، كتاب التفسير، باب سورة حم الجاثية، حديث رقم (٤٢٤٩)، ومسلم، كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها، باب النهي عن سب الدهر، حديث رقم (٢٢٤٦) عن أبي هريرة.
(٢) رواه أحمد (٣/ ٣٦٧) (١٤٦٩٦) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وابن حبان (١١/ ٦٠٧) (٥١٩٩) عن ابن عمر رضي الله عنهما، =

<<  <  ج: ص:  >  >>