للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا أخاف إلا الله عزّ وجل، ولهذا قال: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ}.

لو قال قائل: متى يصدع الداعية بالحق ولا يخشى الناس، ومتى يكون الأمر فيه سعة، هذا إذا وجد من يصادمه؟

الجواب: إذا كان قصده من كتمان الحق الخوف على نفسه فهذا هو الذي يخشى الناس، أما إذا كان قصده من كتمان الحق الخوف على الحق وأنه لو جهر به ضاده الوالي الذي عنده وقمع هذه الدعوة وربما يتوصل الأمر إلى غيره، فهذا لا حرج أن يؤخر الدعوة إلى وقت يمكنه فيه أن يجهر بها.

الفائدة الثانية عشرة: أن المنحرف عن الدين وعن نشر العلم ينحرف لأحد سببين: السبب الأول: خشية الناس، والسبب الثاني: الطمع في الدنيا، وجه ذلك قوله تعالى: {وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا} فلو أنك تأملت أسباب الانحراف، وأعني بذلك انحراف العلماء، لوجدته يدور على شيئين: إما الخوف من الناس، وإما طلب الدنيا والرئاسة والمال وما أشبه ذلك.

الفائدة الثالثة عشرة: أن من لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الكافرون، لقوله: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤] واختلف العلماء رحمهم الله، هل المراد بهذا العموم الخصوص؟ يعني: أن المراد بذلك اليهود فقط؛ لأنهم لم يحكموا بما أنزل الله أو المراد العموم؟

منهم من قال: أن المراد بهذه الآية: اليهود؛ لأنها في سياق التثريب عليهم؛ لأنهم لم يحكموا بما أنزل الله فهم كافرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>