للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنهم من قال: إنها عامة؛ لأن لفظ "مَنْ" صريح في العموم، والصحيح أنه من حيث الحكم عامة، يعني: حتى لو نزلناها لفظًا على اليهود؛ لأن السياق في ذَمِّهِم، فإننا نقول: إذا ثبت هذا الحكم في اليهود ثبت في غير اليهود من باب العموم المعنوي الذي هو القياس، يعني إن قلنا: إن هذا عام أريد به الخاص، وأن المراد بذلك اليهود قلنا: هذه دلالة الآية لفظًا، لكن إذا قلنا بالعموم بغض النظر عن السياق، صارت الآية تدل لفظًا على الشمول لليهود، وغير اليهود، وعلى القول بأنها للخصوص، نقول: يلحق بذلك من لم يحكم بما أنزل الله من غير اليهود إلحاقًا معنويًّا.

ولكن ليعلم أن من لم يحكم بما أنزل الله، إما أن يكون لطمع، وإما أن يكون لكفر بما أنزل الله، وإما أن يكون لعدوان وظلم على الغير.

فإن كان لطمع فإنه فاسق، كقاضٍ تنازع عنده رجلان، فأعطاه أحدهما رشوة فحكم بغير ما أنزل الله؛ طلبًا للرشوة والطمع، هذا نقول: إنه فاسق.

الثاني: رجل تخاصم إليه رجلان، وكان بينه وبين أحدهما عداوة، فحكم عليه والحق معه، نقول: هذا ظالم معتدي، ليس له غرض في الحكم عليه، لكن يريد أن ينتقم منه؛ لأنه يكرهه أو بينه وبينه سوء تفاهم، وهذا أعظم وأشد من الأول؛ لأن الأول له منفعة قد تدعو النفس إليها، أما الثاني فليس له غرض إلا العدوان، فهو أشد وأعظم بلا شك.

الثالث: أن يحكم بغير ما أنزل الله كراهة لما أنزل الله، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>