للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتقادًا منه أن ما حكم به خير من حكم الله عزّ وجل، أو أنه مخير بين أن يحكم بما أنزل الله أو بغير ما أنزل الله، فهذا يكون كافرًا خارجًا عن الإسلام؛ لأنه كره الإسلام أو ظن أن غيره أحسن منه، أو أن غيره مثله، والله عزّ وجل يقول: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: ٥٠] أي: لا أحد أحسن من الله حكمًا، فإذا حكم وهو يعتقد أنه مثل حكم الله، فقد كذب ما تدل عليه الآية، وهو قوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا} وإذا اعتقد أنه خير منه؛ فإنه أشر وأقبح من الذي قال: إنه مساوٍ له.

لو قال قائل: قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} هل المعنى فأولئك هم الكافرون فيما حكموا فيه أو الكافرون الخارجون عن الملة؟

الجواب: هذا محل خلاف وقد تقدم، فمن العلماء من قال: إن قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} هذا فيما حكموا به، كقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت" (١) مع أن هذا لا يخرج من الإسلام، فعليه يكون المعنى هم الكافرون فيما حكموا به فقط، لا الخارجون عن الملة، وقيل: هم الكافرون، أي: الموصوفون بالكفر المخرج عن الملة، ولكن الأدلة دلت على أن هذا مقيد بشروط:

الأول: أن يكون الحاكم عالمًا بحكم الله، والثاني: أن يكون عالمًا بمخالفة هذا الحكم لحكم الله، والثالث: أن يجعله


(١) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب إطلاق اسم الكفر على الطعن في النسب والنياحة، حديث رقم (٦٧) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>